الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة بقلم الأستاذ عميره عليّه الصغيّر: بين واجب احترام حرية المعتقد وواجب نشر المعرفة

نشر في  30 أفريل 2024  (19:57)

بقلم الأستاذ عميره عليّه الصغيّر
 
لا يتطلب مستوى ثقافيا او تعليميا مرتفعا جدا للوعي بأن المعتقد الديني (مهاما كان الدين إسلاميا أو غيره) يقومُ على الإيمان والتّسليم بما يعتبره المتديّن حقيقة مطلقة منزّلة من عند ربه الذي يعبده.
 
والمعرفة العقلانيّة او العلميّة-اساس نهضة الأمم- ومهما كان حقلها علوم طبيعية او انسانية تقوم على التجربة وعلى التدليل العقلاني وعلى المؤيدات الملموسة وهي بالتالي يستسيغها ويعتمدها (حتى تتخطاها وتنقضها فتوحات علمية جديدة) كلُّ من اختار هذا المنهج لفهم الواقع والكون ومهما اختلفت فضاءات انتمائه الجغرافي او البشري.
 
والحقيقة الأخرى التي لا يختلف عليها عاقلان هو أنّ الإنسانية تتقدم وتتحرّر وتضمن كرامتها في كل ابعادها بالعلم والمعرفة وكلما تقدم انتشارهما بين الناس كلما ضاق مجال سيطرة الدين و انحشر في حيز ضيّق وهو مجال الاعتقاد الشخصي وكل المجتمعات التي تقدمت وعت بهذه الحقيقة وسلمّت بها بعد أن دفعت ضريبة غالية من حروب دينية طويلة الى اضطهاد المفكرين والعلماء ...
 
هذه البديهيات أوردها هنا للرد على من يعارضونك وحتى ينتقدونك ويحسبونك في صف أعداء الأمة وحتى المجرمين ويطالبون برأسك ان لم يكفّرك المتشدّدون منهم ويخذلك من يدّعون الحداثة و يحمّلونك مسؤولية ما يصيبك من أذى لأنك تجرّأت على الدين.
 
كيف إذا ان تتطور مجتمعاتنا دون كسر هذه السياج من التزمت والجهل الذي يريد الكثيرون سجننا فيه باسم احترام معتقدات الناس.؟
 
بهذا المنطق على باحثي التاريخ مثلا أن يسلموا بالسردية الدينية للتاريخ وأن لا يدرسوا سيرة النبي ولا الصحابة بمنهجية علمية وأن لا يبحثوا في المعتقدات الدينية ولا كيف تطورت واخذت من بعضها البعض أساطيرها ورموزها وكتب مقدسة وكيف أنّ عالم الأساطير والسحر والجنون والملائكة والأرواح هي من زمن طفولة الإنسانية...
 
لا خيارأمامنا أن أردنا فعلا أن نتقدم ونرتقي بمجتمعنا الا التسلح بالعلم والجرأة المحسوبة واقناع الناس (والنشء بالأساس) بأن لا مفتاح لكرامة لنا بشرا ودولا الا إذا اخذنا بناصية العلم ومحاربة الخرافة مهما كانت مقدسة في أذهان الناس وحتى ان كانت تصدمهم أحيانا.